كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فالمرأة المسلمة عنده مرتدة لأنها كفرت بفكر مرقص فهمي وقاسم أمين وسعد زغلول وأمثالهم ورضيت بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًا ورسولًا.
والمرأة المسلمة في نظره قد أصابتها نكسة لأنها كفرت بهدى شعراوي وصفية زغلول ودرية شفيق وأمينة السعيد ومن على شاكلتهن في حين أنها عادت تلتمس القدوة في أمهات المؤمنين ونساء وبنات المهاجرين والأنصار ومثيلاتهن من خيرات نساء العالمين الطاهرات المحصنات المؤمنات الخاشعات رضي الله عنهن.
والمرأة المسلمة عنده نكصت على عقبيها لأنها سترت عورتها وحجبت بدنها وأطاعت زوجها ووقفت حياتها على أولادها ورفضت أن تقتدي بهدى شعراوي التي ألقت حجابها في البحر عند شواطئ الإسكندرية وأبت أن تتأسى برائدات الفن من الراقصات الفاسقات وداعيات الموضة من الصهيونيات والماسونيات.
ويبدو أن الرجل لا يقصد بمقاله المرأة وحدها بل يقصد إدانة الاتجاه العام السائد بين الشباب والذي يرمي إلى استلهام التصور الإسلامي في بعث الأمة الإسلامية والوصول بها إلى واقع جديد يختلف عن واقع الهزيمة والتخلف والظلم وها هو يهاجمنا- نحن المسلمين- في أخص ما نملك وأعز وأغلى ما عندنا إلا وهو ديننا الحنيف ومن هنا وقبل أن نتتبع أقواله ينبغي:
أولًا: أن نرفع اللبس والإبهام والتعتيم عن كلمة المرأة المصرية التي يتحدث عنها فنقول إنه يعني بالمرأة المصرية المرتدة الناقصة على عقبها المنتكسة الرجعية التي تعيش مأساة... إلخ المرأة المسلمة.. فالمرأة المسلمة المصرية وحدها هي المقصودة وهي المستهدفة بسهامه المسمومة وأفكاره المحمومة وفتنته المضلة التي تطل برأسها بين الحين والحين والتي زرعت في أرحام بلاد غير بلادنا وولدت في أكناف غير أكنافنا ولكنها زرعت خصيصًا للمسلمين وولدت خصيصًا للمسلمين وصدرت منهم خصيصًا للمسلمين.
ثانيًا: أن تحدد هدف هذا المقال وهو كما يمكن استخلاصه من عباراته: التصدي لظاهرة عودة الحجاب والدعوة صراحة إلى الخلع الحجاب وإلقائه في البحر وإغراقه في اليم ليصبح نسيًا منسيًا وبالتالي: محاكاة المرأة الغربية في كل ما تأتي وتذر بيد أن الهدف يتسلل بين السطور على استحياء ويدخل على الناس ممتطيًا حلو الكلام ولين الحديث وبريق الخداع قال تعالى في وصف المنافقين: وإن يقولوا تسمع لقولهم المنافقون (4) وقال صلى الله عليه وسلم: «إن من البيان لسحرًا».
ولعل أبرز ما يتميز به الكاتب أنه يتقن الصنعة اليهودية القديمة وهي حرفة التبديل وعكس المعاني فإنك لو عكست أكثر كلامه لكان هذا الأكثر هو الحق فهو كمن يمشي مكبًا على وجهه وهو كالذين {يحرفون الكلم عن مواضعه} المائدة (13) ¸في صده عن سبيل الله وتنفير المسلمات عن الحجاب وطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم مثل الذي {ينهى عبدًا إذا صلى} العلق (10) ومثل الذين وصفهم الله تعالى بقوله: {المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون} التوبة (67) وبقوله سبحانه: {قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر} [آل عمران: 118] وبقوله عز وجل: {ولتعرفنهم في لحن القول} محمد (30).
فالكاتب في الحقيقة هو المنتكس المرتد إلى الجاهلية حين يرى طاعة الله ورسوله ردة قال تعالى: {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكمًا لقوم يوقنون} المائدة (50) وقال تعالى: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} الأحزاب (33).
والكاتب الذي يصف عودة المرأة المسلمة إلى الله وعودتها إلى الحجاب بأنها قد خرجت بذلك من ضوء النهار إلى غسق الظلام والله عز وجل يقول: {الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات} البقرة (257).
والله تعالى يقول: {اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلًا ما تذكرون} هو الناكص على عقبيه.
والكاتب الذي يدعو المرأة إلى دخول عصر النور الذي بدأ في زعمه بإلقاء الحجاب في البحر على شواطئ الإسكندرية وانتهى إلى ما نعلمه اليوم على شواطئ الإسكندرية هو شيطان الظلام وليس الدعاة إلى الإسلام الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر والمأساة التي يتصور الكاتب أن المراة المسلمة تعيشها اليوم لا وجود لها إلا في قوله الفاسد ورأيه الكاسد وإنما هي من صنع نفسه التي سولت له أن المجتمع يرفض دعوته ودعوة أمثاله من شياطين الإنس ولن يؤثر في عقل المراة اليوم وسوسة شيطان يدعي أنها بهذا الاختيار تكون تابعة أو خاضعة لأحد من البشر إنما هي متبعة لأوامر ربها وخاضعة لحكم الله رب العالمين تتحجب صيانة لنفسها واستجابة لشرع الله وترفض السفور لأنه دعوى الشياطين ووسوسة الذين في قلوبهم مرض.
إن المأساة حقًا هي التي تعيشها المرأة في التعليم المختلط والنوادي المختلطة والشواطئ المتجردة من ثوب الحياء.
إن المأساة حقًا هي واقع أمثاله من دعاة تدمير المرأة الذين وقفوا حياتهم على هدم حصون الإسلام وعرقلة مسيرة الصحوة الإسلامية أما أن تعيش المسلمة في مأساة لأنها تحجبت بمحض أختيارها فقد: {كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبًا الكهف} (5).
يقول صاحب الردة: المرأة اليوم- بعد كل ما صنعته أخوات لها من بنات الجيل الماضي لترفع عنها نير الهوان- تتبرع سلفًا بحجاب نفسها قبل أن يأمرها بحجاب والد أو زوج فكأنها بذلك الحجاب الطوعي تقف على مئذنة لتصيح في الناس: ها هي ذي سلعة من عهود الحريم لمن يشتري. اهـ.
ويلك يا شيخ التغريب! لقد قلبت الأمور رأسًا على عقب.
ما مقصودك بهذا؟
أنت مطالب ببيان الفرق بين الإنسان وبين السلعة ثم إثبات أن المسلمين قد عاملوها معاملة السلعة ببراهين وأدلة صحيحة أما الكذب والفجور فكل خبيث ساقط منسلخ من الدين لا يعجز عنه ولايهابه لأنه غذاء قلبه وروحه:
لي حيلة فيمن ينم ** وليس لي في الكذب حيلة

من كان يخلق قوله ** فحيلتي فيه قليلة

إن مجرد إحصان المرأة في البيت لا يقضي بكونها سلعة فإن السلعة لا تختص بالأحراز في البيوت بل أكثر السلع تعرض في الأسواق والمجامع وفي كل مكان بل السلع التي تحرز أنفس من السلع التي تعرض في كل محل وليس مجرد المعاوضة يوجب التشبيه بالسلع.
ومن المسلم به في عالم التجارة وفي قانون العرض والطلب أن على أصحاب السلعة أن يحسنوا عرضها على الناس فيكشفوا عنها حتى يتعرف الراغبون في شرائها على مزاياها والأمر هنا مختلف جد الاختلاف إذ أن المرأة في حياتنا هذه تخفي مفاتنها وتحجب عن الناس رؤية وجهها وهو أمارة الجمال وعلامته فهي إذن لم تحاول عرض نفسها كسلعة تباع وتشترى ولم تناد من فوق مئذنة بصوت خفيض أو جهوري لأنها أكرم على نفسها من هذا الوصف المهين الذي لا يليق بالمسلمة المحجبة ولكنه أليق بتلك التي خلعت حجابها على شواطئ الإسكندرية لتدخل عصر النور في زعمك فأنت في الحقيقة الذي جعلتها سلعة لأنك أعرضت عن كل ما شرعه لها ربه ورسولها صلى الله عليه وسلم من الحقوق التي هي في غاية العدل والإحسان من العفة والإحصان والصيانة والتكريم والتعليم الصحيح وأنت الذي سلكت فيها مسلك السلع المبتذلة وطلبت منها أن تخرج من بيتها لتخالط الرجال بادية عوراتها وأن تنطلق إلى عصر النور لتكون رائدة في الفن والموسيقى والرقص وأن تعمل مضيفة في الطائرة وبائعة في المحلات وسكرتيرة في الإدارات وأن تمرح وتسرح وتذهب وتجئ كالسائمة المهملة كيف شاءت شهواتها.. أليس هذا هو شأن بعض السلع المبتذلة؟!
كلا ليس التوبة ردة وليس النور ظلامًا وليست اليقظة مأساة بل هي صحوة مباركة أدركت المرأة بعد أن عثرت على ذاتها التي ضاعت في عصر الثورة فلما عاد إليها صوابها أدركت بعقلها وسليقتها وفطرتها حاجتها إلى أن تحتمي بنور الإيمان فأسبغت على نفسها ملابسها وغطت رأسها وبذلك عادت إليها روحها أصيلة وهي راضية حيث رجعت من تلقاء نفسها إلى طاعة ربها قبل أن يأمرها بذلك والد أو زوج كما يعترف الفيلسوف الهرم وهذا هو السمو الخلقي والروحي الذي لا سمو يعلو عليه.
فما الذي رابك أيها العجوز من ستر الأجساد وصيانة الأعراض؟
وما الذي تعيبه على نساء مسلمات عرفن أن الله سبحانه وتعالى هو ربهم الواحد الجدير بأن يطاع لا شياطين الشرق والغرب من أعداء الله ورسوله والمؤمنين؟!
فإن كنت ترثي للمحجبات لأنهن في زعمك مرتدات فأولى بك أن ترثي لنفسك وقد تماديت في غيك وضلالك وأنت ابن الثمانين ولم يزدك تطاول السنين إلا تهورًا واستكبارًا عن الرجوع إلى الله والتكفير عن الصد عن سبيل الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغ ستين سنة» رواه البخاري.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد أعذر الله إلى عبد أحياه حتى بلغ ستين أو سبعين سنة لقد أعذر الله إليه» رواه الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
والمقصود أنه سبحانه لم يبق فيه موضعًا للاعتذار حيث أمهله طول هذه المدة.
إن المسلمة المحجبة يهمها أولًا أن تنجو من عذاب النار وغضب الواحد القهار ولا يهمها بعد ذلك أن تنجو من اتهام الأقزام أمثالك بالردة او الرجعية أو النكسة أو النكوص على الأعقاب أو التزمت أو التطرف.
فإن المؤمنين والمؤمنات تعودوا على هذا المسلك من أعداء الدين فيما مضى ولابد من أن يعيد التاريخ نفسه ولكل قوم وارث وقد سبق الكاتب من هم على شاكلته بهذه السخرية وذلك الاستهزاء كما قال تعالى: {وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوًا ولعبًا ذلك بأنهم قوم لا يعقلون} المائدة (58).
وقال تعالى: {إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون} الآيات (المطففين 29) فالمهم من يضحك أخيرًا {إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم} هود (38).
وقال عز وجل: {زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة} البقرة (212).
هذا وإن هذه الدعاوي التي رمى بها الفيلسوف الهرم والمهانة التي ألحقها بكرامة المرأة المسلمة لو أن أكفر يهودي أدعاها على شعب أو أمة لكان لابد أن تعامله معاملة أعدى عدو لها فكيف بأمة الإسلام وكيف بنساء المسلمين!.
ويتمادى الكاتب في عدوانه ليصف ظاهرة عودة الحجاب بأنها موجة رجعية عاتية نثرت رذاذها في كل اتجاه حتى أصاب المرأة ما أصابها.
نقول: إن التقدم الفكري ليس له صلة بكشف العورات أو إلهاب الشهوات لأن الشهوة هي التي تطفئ العقل وتذهب باللب وإلا فأن الحيوانات العارية التي تقارف الشهوة في قارعة الطريق أدنى- في نظرك- وبهذا المنطق الممسوخ إلى التقدم الفكري وكأنك بهذا النهج الذي يدل على التخلف الفكري تصف النساء المسلمات منذ عصر النبوة حتى بدأ غزو الحضارة الغربية بالتخلف والجمود والانحطاط ولا يستبعد صدور هذا من أمثالك.
ولعمر الحق.. إن أقل امرأة منهن- ولو كانت أمية جاهلة بفلسفتك- لهي أدنى إلى الحق والصواب والحكمة منك لأنها آمنت بدين الله والتزمت أوامر الله بفطرتها أما أنت فقد فسدت فطرتك حين ضيعت عمرك في فلسفة أكثرها سفه وأعرضت عن علم الوحي والحكمة واستبدلت الذي هو أدنى بالذي هو خير إن عودة المرأة إلى جادة الصواب ليس رجعية ولكنه تعبير فطري بجانب أنه تعبير عقائدي تسعى إليه الفطرة السليمة التي تأبى الفوضى الاجتماعية.
وعقد الكاتب مقارنة هزيلة بين الليلة والبارحة في حياة المرأة المصرية فقال- عامله الله بعدله- ألا ما أبعد الفرق في حياة المرأة المصرية بين الليلة والبارحة ففي بارحتها ألقت بحجابها في مياه البحر عند شواطئ الإسكندرية إيذانًا بدخولها عصر النور وأما في ليلتها هذه فباختيارها تطلب من شياطين الظلام أن ينسجوا لها حجابًا يرد عنها ضوء النهار. اهـ.